أستسلام مدروس

 

بقلم/ سيد علي


حياتنا.. استسلام مدروس ،،، لوحة فلويد آرت لم نُخطّط لها

 

السكب الأول

تخيل معي هذا المشهد:  

تقف أمام لوحة بيضاء، تحمل بين يديك أكوابًا ملونةً مملوءةً بألوانٍ لم تخترها أنت. بعضها فاتح كضحكة طفل، وبعضها غامق كليلةٍ حزينة. تسكبها على اللوحة بتردد، فتنزلق الألوان متشابكةً دون أن تسألك عن رأيك. تتدفق بحرية، تتصادم، تختلط، ثم تخلق شيئًا لم تتوقعه…  

 

هذه ليست مجرد لوحة فلويد آرت ، هذه حياتنا.  

 

                               الفصل الأول 

 

الخلايا التي لم نردها

في الفلويد آرت، تُضيف قطرات من السيليكون إلى الألوان كي تظهر “خلايا” أشبه بالعيون الصغيرة. لكنها لا تظهر دائمًا حيث تريد! أحيانًا تتكدس في الزاوية، أو تنفتح فجأةً في منتصف اللوحة كذكرى مؤلمة لا تُمحى.  

 

هكذا هي “الأحداث الفاصلة” في حياتنا. تلك اللحظات التي تسقط فجأةً – خسارة، فراق، فشل – فتتشكل كخلايا داكنة في لوحة أيامنا. نكرهها أول الأمر، لكنها مع الوقت تصبح جزءًا من جمال التجربة.  

 

 “لم نختر الألم، لكننا نتعلم كيف ندمجه في اللوحة.

 

                             الفصل الثاني

 

 “عندما تميل اللوحة أكثر من اللازم”

 

أول درس في الفلويد آرت: “الميلان البطيء”. 

تميل اللوحة برفق كي تنتشر الألوان، لكن إن أفرطت في الميل، ستتجمع كل الألوان في طرفٍ واحد، تاركةً فراغًا قبيحًا.  

 

أليس هذا ما يحدث حين “نُفرط في التحكم”؟

 

نحن نعتقد أن الإمساك بكل شيء بقوة سينجح، لكن الحياة تحتاج إلى “استسلام مدروس”.

 

 أحيانًا، يجب أن تدع الألوان تتدفق كما تشاء، حتى لو لم تعرف إلى أين ستذهب.  

 

                             الفصل الثالث

 

“الألوان التي ترفض الاختلاط”  

بعض الألوان تتنافر كيميائيًا. تضعها بجانب بعضها فتتشكل حواجز بينها، كأنها تقول: “لا، لن أذوب معك”.  

 

هكذا هم “الناس”. بعض العلاقات تظل مثل الزيت والماء، مهما حركتها. لا تعني أن أحدًا منهما سيء، بل فقط “ليسوا مُعدّين للاندماج”. والمفارقة؟ أحيانًا تكون اللوحة أجمل بهذه الحدود الواضحة. 

 

                               الفصل الرابع

 

“الطبقات التي لا تراها العين” 

في الفلويد آرت، تُسكب طبقات من الألوان فوق بعضها، لكنك لا تراها جميعًا عند الانتهاء. بعضها يختفي تحت السطح، لكنها ضرورية كي تظهر الطبقات العليا بهذا البريق.  

 

هذه هي “التجارب الخفية” التي لا يعرفها أحد عنك. تلك الليالي التي بكيتها، الأحلام التي دفنتها، الجهود التي لم يراها أحد… كلها طبقات ضرورية كي تكون من أنت اليوم.  

 

                           اللوحة التي لا تُكرر

 

في النهاية، لا توجد لوحتان متشابهتان في الفلويد آرت. حتى لو استخدمت نفس الألوان، نفس التقنية، ستحصل على شيء مختلف.  

 

“هذه هي الحياة”.

 قد نرى غيرنا ويعجبنا ما فعلوه بألوانهم، فنحاول تقليدهم، لكن النتيجة ستكون دائمًا “لوحتك أنت”،،، لوحة فيها فوضى، فيها جمال، فيها أخطاء لم تكن أخطاءً في النهاية، بل مجرد “جزء من التصميم”. 

 

 “لا تندم على الألوان التي سكبتها، ولا على التي لم تسكبها بعد ،،، فالفوضى نفسها هي الخطة. 

 

ربما لو عاد بنا الزمن، لاخترنا ألوانًا أخرى، أو لَمِلنا اللوحة باتجاه مختلف. لكن فن انسياب الألوان يعلمنا شيئًا واحدًا:

 

فتذكر؛

 

 الجمال ليس في الكمال، بل في “الجرأة على السكب”  

 

فاسكب ألوانك دون خوف.. فالحياة، مثل الفن، تُغفر لها الفوضى.


و للتعريف بالفلويد آرت

هو فن سكب ألوان من كثافةت مختلفة و لزوجة متغيرة من درجة لأخرى

ففي الغالب لا تندمج فلا تكون لون ثالث ،، بل تأخذ شكل الخلايا 

و احيانا قد يعتقد البعض أنها جزاك من أحجار طبيعية

فهي تشبه إلى حدٍا كبير التفاعلات الكيميائية و الفيزيائيه التي أجرتها الطبيعة على مدار ملايين السنين

دمتم بخير

Related posts